الدُّعاء
نشر في:
02:29 PM
2023-11-18
المشاهدات: 316

الدُّعاء لغةً: النِّداء والاستدعاء، تقول: دَعوت فُلاناً إذا ناديتهُ وصِحت به.

واصطلاحاً: طلبُ الأدنى للفعلِ مِن الأعلى على جهةِ الخُضوع والاستكانة.

كلُّ إنسانٍ يحتاجُ إلى الدُّعاء مُعافى ومُبتلى، وفائدتهُ دفع البلاءِ الحاصل ودفع السّوءِ النّازل، أو جَلب نَفعٍ مَقصودٍ أو تقريرِ خَيرٍ موجودٍ، ودَوامهُ ومنعهُ مِن الزّوالِ.

وقد أكّد الإمام أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) على هذا المعنى حيث قال: «ما مِن أحدٍ ابتلي وإن عَظُمَت بلواه بأحقِّ بالدعاءِ مِن المُعافى الذي لا يأمن البلاء»1

وقال رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله): «ألا أدلّكم على سلاحٍ يُنجيكم مِن أعدائكُم ويدرّ أرزاقكُم؟ قالوا: بلى، قال: تدعون ربّكم بالليلِ والنهارِ، فإنَّ سلاح المُؤمِن الدّعاء»2


يحتلُّ الدَّعاءُ الأهميةَ البالغة في حياةِ الناس، وقد يظهرُ ذلك جَلياً في اتخاذِ الإنسان الآلهةَ على مرِّ العُصور، وقد تكمن أهميتهُ في حاجةِ الإنسان الفطرية لِمَن يَحميهِ مِن المخاطِر ويُحقق لهُ ما يتمناه.. فتعدّدت الآلهة في الحضاراتِ الإغريقية وبلد ما بين النهرين ووادي النيل وتنوّعت كثيرًا، ومِنها: (أبولو إله الشمس، أورانوس (قبة السماء)، أطلس، عشتار، آشور، آمون، مايا، كلاديوس، سيلين، كيناشي، آسيس، اثيرا، بينياس، إيوس) وغيرها الكثير..

وإنَّ مِن أبرز ما جاءَت بهِ الأديان السماوية، واوصى بهِ الأنبياء والرُّسل الناسَ هي الطقوس العبادية التي تكلّلت بالصّلاةِ والتَّهجُدِ والابتهالِ وهي مِن ألوان الدُّعاء والتَوسل إلى الله تعالى، فالدُّعاء هو الوسيلة لنجاةِ الإنسان مَن أخطارِ الدُّنيا وأهوالِ الآخرة.. فعن المفضل، عن الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: سألته عن قولِ الله عز وجل: ((وإذ ابتلى إبراهيم ربّهُ بكلماتٍ)) ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات التي تلقّاها آدمُ مِنْ رَبّهِ فتابَ عليهِ وهو أنّهُ قال: "يا رَبِّ أسألكَ بِحَقِّ مُحمدٍ وعليٍ وفاطمةَ والحسنِ والحسينِ إلا تُبتَ عليَّ"، فتابَ اللهُ عليهِ إنّهُ هو التّوابُ الرَّحيم، فقلتُ له: يا ابن رسولِ الله فما يعني (عز وجل) بقولهِ: " أتمّهُنَّ "؟ قال: يعني أتمهُنَّ إلى القائمِ (عليه السلام) اثنا عَشرَ إماماً"3

فقِصّة (أبي البشر) نبيُّ الله آدم (عليه السلام) هذهِ توضّح مدى أهمية الدُّعاء وعُمقِ معناه، لذلك يقول (تبارك وتعالى): ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ))4

كذلك قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله):" الدُّعاء مُخُّ العِبادة، ولا يَهلك مع الدُّعاءِ أحد"5


وفي عَصرِنا هذا الذي يُعدُّ مِن أعسرِ العُصور التي مَرّت على البشريةِ، نشكو فيهِ مِن فَقدِ نَبيّنا، وكذا غَيبةِ إمامِنا، تَشتدُّ فيهِ الفِتن، وتَضطرِب أمواج الشُّبهات، بينما المُسلم يبتغي وسيلةً لنجاتهِ، نُلاحظ توجيه الأئمة الأطهار وجميع العلماء على التَّسلح بالدَّعاء، فقد أوصى الإمام الصادق (عليه السلام) لِمن يُدرِك هذا الزَّمن بضرورةِ التَّمسُك بدعاءِ (الغريق)، وكذلك يوصينا إمام زماننا (أرواحنا فداه) بدعاء( الفرج)، ليس ذلك فحسبْ فقد ورَدَ في رسالتِهِ إلى الشَّيخِ المفيدِ (رِضْوانُ اللهِ عَلَيْهِ): (إنّا غَيْرُ مُهْمِلِينَ لِمُراعاتِكُمْ، وَلا ناسِينَ لِذِكْرِكُمْ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَنَزَلَ بِكُمُ اللَّأْواءُ، وَاصْطَلَمَكُمُ الْأعْداءُ)6

مما يعني أنَّ دُعاءَ الإمام لَنا هو مِن جُملةِ مُهمّاته (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) ومهمّاتنا في عَصرِ الغيبة، وعلينا كمُنتظرين ايلائُه أقصى الأهمية وجُلَّ الاعتناء.


المصادر:

1-من لا يحضره الفقيه ٤/٣٩٩ ح ٥٨٥٧ ؛ وعدّة الداعي: ٢٣.

2-الكافي –الشيخ الكليني- ج2- ص468.

3-الخصال –الشيخ الصدوق- ص305.

4-سورة غافر: آية 60.

5-وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج7، ص27.

6-الاحتجاج –الشيخ الطبرسي- ج2، ص323.



ترك تعليق