ساقي العطاشى
نشر في:
01:24 PM
2023-07-30
المشاهدات: 442

من هو أول من أطلق لقب (ساقي العطاشى)؟

تذكر كتب التأريخ في قصة طويلة، بأنّ الإمام علي (عليه السلام) هو أول من أطلق تسمية (السّقاء) أو (ساقي عطاشى كربلاء) على ابنهِ الإمام العباس (عليه السلام) وقد كان ابن بضع سنين.


وصدقت النبوءة

ففي يوم الطّف وبعد أن منع عمر بن سعد (لعنه الله) ماء الفرات عن مُعسكر الإمام الحسين (عليه السلام)، تسلّم الإمام العباس(عليه السلام) مهمة كشف الأعداء عن الفرات لجلب الماء، وكلما سمع استغاثة الأطفال قام بحملته الشجاعة وأحضر لهم الماء وتكررت لعدة مرات حتى استشهاده (سلام الله عليه)..    

    

وحيٌ مِن لَقب!

رغم أنّ أذهاننا قد تعودت فهم هذا اللقب المبارك بهذا المعنى الواضح، إلا أنَّ بودنا اليوم أن نستوحي منه عمقاً آخر، ونغوص في بحرهِ عَلّنا نستخرج بعض الكنوز الروحانية ونلتمس منه المعاني الشافية لأمراضنا المعاصرة..    

قال تعالى ((وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ))1، فلو تأملنا كلمة -الماء- في الآية الكريمة، لوجدنا معناها الأشمل هو أنّ الماءَ سر وأساس الحياة وكما نعلم أنّه كما الجسد يتعطّش إلى الماء، كذلك هي النفس تتعطّش للقيم والأخلاق والمبادئ النقية.. وكما نلاحظ المُجتمع الإنساني اليوم الذي يعاني الظمأ الروحي والأخلاقي، لاسيما في زمنٍ يَشكو فقدَ نبيهِ وغيبةَ إمامهِ، فما أحوَجنا! وما أعطشَنا! للارتواءِ مِن عَذبِ نبعِ صِفات سيد الخُلق العَظيم مَحمدٍ وآلهِ الميامين (صلى الله عليهم جميعاً).


فنستلهم من هذا اللقب الأزلي (ساقي العطاشى)، درس ومعنى روحي، وهو أنَّ الإمام العباس (سلام الله عليه) لازال ساقيًا يروي الناس جيلاً بعدَ جيل، نعم.. فتلك القربة التي مزقتها السهام ما بَرِحَت تُمطِرنا دينًا وخُلقًا ووفاءًا وعِزّةً وإباء؛ لِتوقِظنا مِن نَومةِ الغافلين، وتغسل الأرواح من الجهل، وتُنقّي الفِكر من زيغ الشياطين، تسقي عقيدةً إلهيةً ناصعة..

وما أنّ سُقي البراعم من أطفالنا، من فُرات قيمهِ وكَرمِ أخلاقهِ، إلا نمى عُودها بشجاعة وأورَقت مؤمِنة مُوحدة، وأزهَرت تنشر عِطر الرسالة ثم اينعت بالإيمان تحمل ثمار القضية الحسينية؛ لتُشبع جوع الأمم للإنسانية وتُغذي الأجيال المفتقرة لمائدةِ السماء..

فلو أسبغ الساقي (عليه السلام) علينا بعض القطرِ من عشقهِ الحُسيني؛ لعلَّ الندى من رطبِ كفيه يُنعش فينا الضمير الذي مات، ويستفز البصيرة التي عمت.



_______________________

1-سورة الأنبياء : آية 30.



ترك تعليق