الإلحَادُ المُقَنَّع
نشر في:
12:29 PM
2023-09-27
المشاهدات: 350

إنَّ مِنَ المُلاحظِ فِي الآونَةِ الأخِيرَةِ وَمِما يُثيرُ الانتِباهَ والاِستغرَاب هُو وُجودُ حَالَةٍ مِنَ اليَأسِ والتَذَمُرِ في أوسَاطِ مُجتَمَعِنا العِرَاقي أو رُبَما تَهرُبٌ مِنَ المَسؤوليّةِ بِتكرارِ بَعضِ الكَلِمَات كَعِبارَةِ «هِيّ خَربانَة» مَثَلاً.. حَتى أصبَحَت هَذهِ العِبارَة شَمَاعَةً وَمُبَرِراَ لِفعلِ المُحرَماتِ وَمُخالَفَةِ القَوانِين وَحُجةً لِنَشرِ الفَسادِ، وَالأخَطَرَ مِن ذَلكَ هُو مَا تَحمِلَهُ هَذِهِ العِبارَةِ مِن مَعنى الإنكارِ لِوُجودِ المُدَبِرَ لِهَذا الكَون وإنكارِ وُجودِ المُصلِح والمُنقذ. 

كَما أنَّ هَذِه العِبارَة وَمَثِيلاتِها لَم تَصدُر اِعتِباطاً فَما هِي إلا نَذيرُ شُؤمٍ عَلى وُجودِ أَفكارٍ دَخِيلَةٍ عَصَفَت بِالعُقولِ وَاستَهدَفَت المُعتَقَدات وَبَثَّت سُمومَ الإلحادِ. 

نَعَم.. فَبينَما يَكونَ الفَرد مُستَرخيًا أمامَ شَاشَةِ التِلفازِ أو النَقال وَمُنشَغِلاً بِمُتَابَعَةِ البَرَامِجَ الّتي يَعتَبِرُها تَرفِيهيّة وَيَتَفاعَلُ مَعَها، تَسللَ وَباءُ الإلحادِ إلى أَفكارِه وَمِن خِلالِ دَسِ السُمِ فِي العَسَل فَهو يُشاهِدُ مَا يَبُثَهُ الإعلام المُضلِل غَيرَ مُنتبهٍ أو مُدرِكٍ للرَسائِلَ الدَفِينَةِ مَن انتقادٍ للأديانِ والقِيَّمِ والمَبادِئ والقَوانِين العُرفيَّةِ السَويَّة وَحَتى الإنسانيَّة.

مِمَا يَدفَعُ الكَثِيرَ للاِقتِنَاعِ تَدريجيًا وَالتَعاطيَ مَع هَذهِ الأفكارِ المُنحَرِفَةِ دونَ شِعورٍ مِنهُم وَمِن ثَمَ الابتِعاد عَن الدينِ والنُفورِ مِنه، وَهَكذا بَاتَ شِغلُهُم الشَاغِل تَغييرَ هَذا الدين الّذي أصبَحَ بِالنِسبَةِ لَهم وَصمَةُ عَار وَتفكير رَجعي، فَأخذوا يُشكِكُونَ فِي وجوبَ الحِجاب والصَلاةِ أو تَقليدَ المَراجِع، بَاحثِينَ عَن دِينٍ يَتَماشَى مَعَ رَغباتِهِم، دِينٌ عَصري وَمُنفَتِح، حَتى وَصَلَ الحَالُ إلى تَداوِلَ الأفكارِ المُعاديَّةِ لِلدين الإسلامي بِشَكلٍ عَلَنِي وَصَريِح، وَهذا هو الإلحاد المُقنَّع بِحيث يَصبَحُ الفَردُ مُلحِدًا مِنَ الدَاخِل وَلَكِنَهُ يُماشِي البِيئَةِ المُسلِمَةِ المُحِيطَة بِه مُحاوِلاً تَغييرَها.. وَهُنا يَكمُنُ الخَطر فَإنَّ الأفكارَ المُنحَرِفَةِ كَمَرَضِ السَرَطان الّذيِ يَسرِي بَينَ خَلايا المُسلمينَ يُدَمِرَ أُصولِ الدِين فِي عُقولِهِم وَينتَزِعُ الإيمانَ مِن قُلوبِهِم.

ِذلكَ لابُدَ مِن ثَورةٍ تَوعَويَّةٍ تَثقِيفيَّةٍ تَشمِلُ جَمِيعَ المُؤسَسَاتِ التَربَويَّة مِنَ البَيتِ وَالمَدرَسَةِ وَالجَامِعَة والإعلام؛ لِاستئصالِ هَذهِ الأفكارِ الخَبِيثَةِ وَتحصِينَ المُجتَمَعِ مِن هَذا الوَباء وَترسِيخَ العَقائِدَ الإسلاميَّة الحَقَةِ وَنَشرِها بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَة.




ترك تعليق